رؤية 2030- توازن الكيف والكم نحو مستقبل سعودي مزدهر

المؤلف: عبداللطيف آل الشيخ11.02.2025
رؤية 2030- توازن الكيف والكم نحو مستقبل سعودي مزدهر

في إطار سعي المملكة العربية السعودية الدؤوب نحو تحقيق غايات رؤية 2030 الطموحة، تتبوأ قضية الموازنة الدقيقة بين الكيف (الجودة النوعية) والكم (الوفرة العددية) مكانة مرموقة وأهمية بالغة.

تهدف رؤية المملكة 2030 إلى تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وتعزيز الإبداع والابتكار، ورفع مستوى جودة الحياة لجميع المواطنين. ولكن، كيف يمكن تحقيق التوازن المنشود بين الحاجة الملحة إلى الكمية لتحقيق نمو اقتصادي متسارع وبين الجودة العالية لضمان استدامة هذا النمو على المدى الطويل؟

في هذا السياق، تسعى المملكة جاهدة إلى تحقيق الوفرة والكمية في النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة الشاملة، دون إغفال الجودة النوعية التي تضمن استمرارية هذا النمو ورسوخه وتفوقه وتميزه. على سبيل المثال، فإن مشاريع التنمية الحضرية الطموحة في مدينتي الرياض وجدة لا تهدف فقط إلى التوسع العمراني وزيادة المساحات المبنية، بل ترمي أيضًا إلى إنشاء بيئات حضارية متكاملة ومستدامة تتمتع بأعلى معايير الجودة في مجالات الحياة والعمل والترفيه.

1. الكيف يتحول إلى كم في رؤية 2030:

في قطاعات واعدة مثل السياحة والترفيه، تسعى المملكة العربية السعودية إلى جذب ملايين السياح والزائرين من مختلف أنحاء العالم سنويًا. هنا، يعتبر تحقيق أعداد كبيرة من الزيارات هدفًا رئيسيًا، ولكن من دون توفير تجارب سياحية وخدمات عالية الجودة تلبي تطلعات الزوار، لن يتحقق الاستقرار والنمو المستدام في هذا القطاع الحيوي. لذلك، يتم التركيز بشكل كبير على تطوير البنية التحتية المتطورة والخدمات المتميزة لتلبية احتياجات الملايين بجودة تضاهي أو تتفوق على أفضل المعايير العالمية.

2. الكم يتحول إلى كيف في رؤية 2030:

في مجال التعليم والتدريب، تهدف المملكة إلى بناء قوى عاملة وطنية مؤهلة ومدربة تدريبًا عاليًا، قادرة على تحقيق التنوع الاقتصادي المنشود والمساهمة الفعالة في بناء اقتصاد المعرفة. هنا، ليس العدد الكبير من الخريجين والمتدربين هو المعيار الوحيد، بل الأهم هو جودة التعليم والمهارات المتميزة التي يكتسبها الشباب السعودي من خلال برامج تدريبية متطورة ومناهج تعليمية حديثة تركز على الإبداع والابتكار والتفكير النقدي وحل المشكلات. هذه البرامج والمناهج تمثل أمثلة حية على كيفية تحويل الكم إلى كيف.

يكمن التحدي الأكبر للمملكة في إيجاد التوازن الأمثل بين تحقيق مستويات إنتاجية عالية وضمان الجودة المتميزة في جميع القطاعات:

- في قطاع الصحة:

يتم إنشاء وتجهيز مستشفيات جديدة وعصرية (الكم)، ولكن الهدف الأسمى والغاية النهائية هو تقديم رعاية صحية متكاملة وعالية الجودة (الكيف) لضمان سلامة وصحة ورفاهية المواطنين والمقيمين.

- في القطاع الصناعي: يتم تشجيع الاستثمارات الجديدة وتوسيع نطاق القطاعات الصناعية المختلفة (الكم)، ولكن بالتوازي مع ذلك، يتم تطبيق معايير الجودة العالمية الصارمة (الكيف) لضمان أن المنتجات السعودية تتمتع بالجودة والمواصفات التي تمكنها من المنافسة بقوة في الأسواق العالمية.

تدرك رؤية السعودية 2030 تمام الإدراك أن النجاح الحقيقي والازدهار المستدام ينبعان من فهم عميق لكيفية تحويل الكيف إلى كم، وكيفية تحويل الكم إلى كيف. هذا التوازن الدقيق هو الذي يضمن أن التنمية لن تكون مجرد توسع كمي سطحي، بل ستكون استراتيجية متكاملة ومستدامة تهدف إلى تعزيز وتحسين جودة حياة جميع السعوديين وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية الرائدة على الخريطة العالمية.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة